أصحوتَ اليومَ أم شاقتكَ هرّ | ومِنَ الحُبّ جُنونٌ مُسْتَعِرْ |
لا يكنْ حبَّك داءً قاتلاً | لَيسَ هذا منكِ، ماوِيَّ، بِحُرّ |
كيفَ أرجو حُبَّها منْ بَعدِ ما | عَلِقَ القَلْبُ بِنُصْبٍ مسْتَسِرّ |
أرّق العينَ خيال لمْ يقرّ | طافَ، والرّكْبُ بصَحْراءِ يُسُرْ |
جازَتِ البِيدَ إلَى أرحُلِنا | آخِرَ اللّيْلِ، بيَعْفُورٍ خَدِرْ |
ثمّ زارَتني،وصَحْبي هُجَّعٌ، | في خليطٍ بينَ بُردٍ ونمرْ |
تَخْلِسُ الطَّرْفَ بعَيْنَيْ بَرغَزٍ، | وبخدَّي رشإٍ آدمَ غرّ |
ولها كَشحَا مهاة ٍٍ مُطفلٍ | تَقْتَري، بالرّمْلِ، أفْنانَ الزّهَرْ |
وعلى المَتْنَينِ مِنها واردٌ، | حَسَنُ النَّبْتِ، أثيتٌ، مُسبَطِرّ |
جابَة ُ المِدرى ، لها ذُو جُدّة ٍ، | تَنْفُضُ الضّالَ وأفنانَ السَّمُرْ |
بَينَ أكنافِ خُفافٍ فاللِّوَى ، | مُخرِفٌ تحنو لِرَخصِ الظِّلفِ حُرّ |
تحسبُ الطَّرفَ عليها نجدة ٌ | يا لَقَوْمي للشّبابِ المُسبَكِرّ! |
حيثُ ما قاظُوا بنجدٍ وشتوْا | حَولَ ذاتِ الحاذِ مِن ثِنْيَيْ وُقُرْ |
فَلَهُ منها، على أحيانها، | صفوَة ُ الرّاحِ بملذوذٍ خصرْ |
إنْ تنوِّلْهُ فقدْ تمنعُهُ | وتريهِ النجمَ يجري بالظُّهُر |
ظلّ في عسكرة ٍ من حبّهَا | ونأتْ، شَحطَ مَزارِ المُدّكِر |
فَلئِنْ شَطّتْ نَواهَا، مَرّة ً | لعلى عهدِ حبيبٍ معتكرْ |
بادِنٌ، تَجلُو، إذا ما ابْتَسَمَتْ، | عَن شَتِيتٍ، كأقاحِ الرّمْلِ، غُرّ |
بدّلتهُ الشّمسُ من منبتِهِ | برداً أبيضَ مصقولَ الأُشُرْ |
وإذا تضحكُ تُبدي حبباً | كرضابٍ المسكِ بالماءِ الخصِرْ |
صادَفَتْهُ حَرجَفٌ في تَلعَة ٍ، | فَسَجَا وَسطَ بَلاطٍ مُسبَطِرّ |
وإذا قامَتْ تَداعَى قاصِفٌ، | مالَ مِنْ أعلى كثيبٍ مُنقَعِرْ |
تطردُ القرَّ بحرٍّ صادقٍ | وعكيكَ القيظ إن جاءَ بقُرّ |
لا تلُمْني!إنّها من نسوة ٍ | رُقَّدِ الصّيْفِ، مَقالِيتٍ، نُزُرْ |
كَبَنَاتِ المَخْرِ يَمْأدنَ، كما | أنْبَتَ الصّيْفُ عَساليجَ الخُضَر |
فَجَعوني، يوْمَ زمّوا عِيرَهُمْ، | برخيمِ الصَّوْتِ ملثومٍ عطِرْ |
وإذا تَلْسُنُني ألسُنُهَا، | أنّني لستُ بموهونٍ فقِرْ |
لا كبيٌر دالفٌ منْ هرمٍ | أرهبُ الليلَ ولا كَلَّ الظُّفُر |
وبلادٍ زعلٍ ظلمانُها | كالمخاضِ الجربِ في اليومِ الخدِر |
قد تبطنْتُ وتحتي جسرة ٌ | تَتّقي الأرضَ بمَلثومٍ مَعِرْ |
فتَرى المَروَ، إذا ما هَجّرَتْ، | عن يدَيها، كالفَراشِ المُشفَتِرْ |
ذاكَ عَصْرٌ، وعَداني أنّني | نابني العامَ خطوبٌ غيُر سرّ |
منْ أمورٍ حدثَتْ أمثالُها | تَبتَري عُودَ القَويّ، المُستَمِرّ |
وتَشَكّى النّفْسُ ما صابَ بها، | فاصبري إنَّك من قومٍ صُبُرْ |
إنْ نصادفْ منفساًلاتلفنا | فُرُحَ الخيرِ ولا نكبو لضُرّ |
أسدُ غابٍ فإذا ما فزعوا | غيرُ أنكاسٍ ولا هوجٍ هُذرْ |
وليَ الأصلُ الذي في مثلِهِ | يصلحُ الآبرُ زرعَ المؤتبِرْ |
طيِّبو الباءة ِ سهلٌ ولهُمْ | سبلٌ إنْ شئْتَ في وحشٍ وعرْ |
وهمُ ما همْ إذا ما لبسُوا | نَسْجَ داوُدَ لِبأسٍ مُحتَضِرْ |
وتَساقَى القَوْمُ كأساً مُرّة ً، | وعلا الخيلَ دماءٌ كالشَّقِر |
ثمّ زادوا أنّهُمْ، في قوْمِهِمْ، | غُفُرٌ ذنَبهُمُ غيرُ فُخُرْ |
لا تعزُّ الخمرُ إن طافوا بها | بِسِباءِ الشّوْلِ، والكُومِ البُكُرْ |
فإذا ما شربوها وانتعشوا | وهبوا كلَّ أمونٍ وطِمِرْ |
ثمّ راحوا عَبَقُ المِسكِ بهِمْ، | يُلحِفونَ الأرضَ هُدّابَ الأُزُرْ |
ورثوا السؤْدُدَ عن آبائِهِمْ | ثمّ سَادُوا سُؤدُداً، غَيرَ زَمِرْ |
نحنُ في المَشتاة ِ ندعوا الجَفَلى ، | لا ترى الآدِبَ فينَا ينتقِرْ |
حينَ قالَ النّاسُ في مجلسِهِمْ: | أقُتارٌ ذاكَ أمْ ريحٌ قُطُرْ |
بجِفانٍ، تَعْتَري ناديَنا، | منْ سديفٍ حيَن هاجَ الصِّنَّبِرْ |
كالجَوابي، لا تَني مُتْرَعَة ً | لقِرَى الأضيافِ أو للمتحضِر |
ثمّ لا يحُزُن فينا لحمُها | إنّما يحزنُ لحمُ المدّخِرْ |
ولَقَدْ تَعْلَمُ بَكْرٌ أنّنَا | آفة ُ الجزرِ مساميحٌ يُسُرْ |
ولَقَدْ تَعْلَمُ بَكْرٌ أنّنَا | واضحُوا الأوجُهِ في الأزمة ِ غُرّ |
ولَقَدْ تَعْلَمُ بَكْرٌ أنّنا | فاضِلُوا الرّأي، وفي الرّوعِ وُقُر |
ولَقَد تَعْلَمُ بَكْرٌ أنّنَا | صادقو البأسِ وفي المَحفِلِ غُرّ |
يَكشِفونَ الضُّرَّ عن ذي ضُرّهمْ، | ويُبِرّون على الآبي المُبِرّ |
فُضُلٌ أحْلامُهُمْ عَنْ جَارِهِمْ، | رُحُب الأذرُعِ بالخيرِ أمرْ |
ذُلُقٌ في غارَة ٍ مَسْفُوحَة ٍ، | ولدى البأسِ حماة ٌ ما نفرّ |
نمسكُ الخيلَ على مكروهِها | حينَ لا يمسكهَا إلا الصُّبُرْ |
حينَ نادى الحيُّ لمّا فزعوا | ودعا الدّاعي وقد لجّ الذُّعُرْ |
أيْهَا الفِتْيَانُ في مجْلِسِنَا، | جرِّدوا منْها وِارداً وشُقُر |
أعوجِيّاتٍ، طِوالاً، شُزَّباً، | دُوخِلَ الصّنْعَة ُ فيها والضُّمُر |
مِن يَعابِيبَ ذُكورٍ، وُقُحٍ، | وهِضَبّاتٍ، إذا ابتَلّ العُذُرْ |
جافلاتٍ فوقَ عوجٍ عجلٍ | ركّبَتْ فيها ملاطيسُ سُمُرْ |
وَأنَافتْ بِهَوَادٍ تُلُعٍ، | كَجُذُوعٍ شُذّبَتْ عنها القِشَرْ |
عَلَتِ الأيْدي بأجْوازٍ لهَا | رُحُبَ الأجوافِ ما إنْ تنبهرْ |
فهي تَردي، فإذا ما ألهَبَتْ | طارَ من إِحمائِهَا شدُّ الأزُرْ |
كائراتٍ وتراها تنتحِي | مسلحبّاتٍ إذا جدّ الحضُرْ |
ذُلُقُ الغارَة ِ، في إفْزَاعِهِمْ، | كرعالِ الطَّيرِ أسراباًُتمرّ |
نذرُ الأبطالَ صرعى بينها | ما يني منهُمْ كميُّ منعفِرْ |
فَفِداءٌ، لِبَني قَيْسٍ، على | ما أصَابَ النّاسَ من سُرٍّ وضُرّ |
خالَتي والنّفْسُ، قِدْماً، أنهم | نَعِمَ السّاعونَ في القَوْمِ الشُّطُرْ |
وهمُ أيسارُ لقمانٍ إذا | أغلَتِ الشّتْوَة ُ أبداءَ الجُزُرْ |
لا يلحُّونَ على غارمِهِمْ | وعلى الأيْسارِ تَيْسِيرُ العَسِرْ |
كنْتُ فِيكُمْ كالمُغطّي رأسَهُ | فانجَلى اليَوْمَ قِناعي وَخُمُرْ |
وَلَقَد كنتُ، عليكُمْ، عاتِباً، | فَعَقَبْتُمْ بِذَنُوبٍ غَيرِ مُرّ |
سادِراً، أحسَبُ غيّي رَشَداً، | فتناهَيْتُ وقد صابَتْ بِقُرُ |