وَآلِفَةٍ بَرْدَ الحِجَالِ احْتَوَيْتُها،وَآلِفَةٍ بَرْدَ الحِجَالِ احْتَوَيْتُها، | وَقد نامَ مَنْ يَخشَى عليها وَأسْحَرَا |
تَغَلْغَلَ وَقّاعٌ إلَيْهَا، وَأقْبَلَتْ | تَجُوسُ خُدارِيّاً من الليلِ أخضَرَا |
لَطِيفٌ إذا ما انسلّ أدْرَكَ ما ابتغَى | إذا هُوَ للطِّنْءِ المَخوفِ تَقَتّرَا |
يَزِيدُ عَلى مَا كُنْتُ أوْصَيْتُهُ بِهِ، | وَإنْ ناكَرْتُهُ الآنَ ثُمّتَ أنْكَرَا |
وَلَوْ أنّهَا تَدْعُو صَدايَ أجابَهَا | صَدايَ، لِعَهْدِ بَعْدَها ما تَغَيّرَا |
يَقُولُ: أما يَنْهاكَ عَنْ طَلَبِ الصِّبا | لِداتُكَ قد شابُوا وَإنْ كنتَ أكْبَرَا |
مِنِ ابنِ الثّمانِينَ الذي لَيسَ وَارِداً | وَلا جائِياً مِنْ غَيْبَةٍ مُتَنَظَّرَا |
أبَتْ مُقْلَتَا عَيْنيّ وَالصّاحِبُ الذي | عَصَى الظنَّ مُذ كنتُ الغلامَ الحَزَوّرَا |
وَقَدْ كُنْتُ لا لَهْواً تُرِيدُ لِقَاءَهُ، | فقد كنتُ إذ أمْشِي إليكَ كأوَجَرَا |
لِقاؤكِ في حَيْثُ التَقَيْنَا، وَإنّما | أطَعْتُ مَوَاثِيقَ الجَرِيّ المُكَرَّرَا |
وَلَيْلَةَ بِتْنَا دَيْرَ حَسّانَ نَبّهَتْ | هُجُوداً وَعِيساً كالخَسِيّاتِ ضُمَّرَا |
بكَتْ ناقَتي لَيْلاً، فَهاجَ بُكاؤها | فُؤاداً إلى أهْلِ الوَرِيعَةِ أصْورَا |
وَحَنّتْ حَنِيناً مُنكَراً هَيّجَتْ بِهِ | على ذي هَوىً من شَوْقِهِ ما تَنكّرَا |
فَبِتْنا قُعُوداً بَينَ مُلْتَزمِ الهَوَى، | وَناهي جُمانِ العَينِ أنْ يَتحَدّرَا |
تَرُومُ عَلى نَعْمانَ في الفَجرِ ناقَتي، | وَإن هيَ حنّتْ كنتُ بالشّوْقِ أعْذَرَا |
إلى حَيْثُ تَلقَاني تَمِيمٌ إذا بَدَتْ | وَزدْتُ على قَوْمٍ عُداةٍ لِتُنْصَرَا |
فَلَمْ تَرَ مِثْلي ذائِداً عَنْ عَشِيرَةٍ، | وَلا ناصِراً مِنْهُمْ أعَزَّ وَأكْثَرَا |
فإنَّ تَمِيماً لَنْ تَزُولَ جِبَالُهَا، | وَلا عِزُّها هادِيُّهُ لَنْ يُغَيَّرَا |
أقُولُ لها إذْ خِفْتُ تَحْوِيلَ رَحْلِها | عَلى مِثْلِها جَهْداً، إذا هوَ شَمّرَا |
تُساقُ وَتُمْسِي بالجَرِيضِ وَلم تكُنْ | مِنَ اللّيْثِ أن يَعدو عَليها لتُذْعَرَا |
فإنّ مُنى النّفسِ التي أقْبَلَتْ بِهَا | وَحِلَّ نُذُورِي إنْ بَلَغْتُ المُوَقَّرَا |
بهِ خَيرُ أهلِ الأرْضِ حَيّاً وَمَيّتاً، | سِوَى مَن بهِ دِينُ البَرِيّةِ أسْفَرَا |
جَزَى الله خَيْرَ المُسْلِمينَ وَخَيرَهمْ | يَدَيْنِ وَأغناهُمْ لِمَنْ كانَ أفقَرَا |
إمَامٌ كَأيّنْ مِنْ إمَامٍ نَمَى بِهِ | وَشَمْسٍ وَبَدْرٍ قَد أضَاءا فَنوّرَا |
وَكانَ الّذي أعطاهُما الله مِنْهُمَا | إمَامَ الهُدَى وَالمُصْطَفَى المُتَنَظَّرَا |
تَلَقّتْ بهِ في لَيْلَةٍ كانَ فَضْلُها | عَلى اللّيْلِ ألْفاً مِنْ شُهُورٍ مُقَدَّرَا |
فَلَيْتَ أمِيرَ المُؤمِنِينَ قَضَى لَنَا، | فَرُحْنا، ولَمْ تَنْظُرْ غَداً مَن تعذَّرَا |
كَأنّ المَطايا، إذْ عَدَلْنا صُدُورَها | بَعْثْنَا بِأيْدِيها الحَمَامَ المُطَيَّرَا |
فكَمْ من مُصَلٍّ قد رَدَدتَ صَلاتَهُ | لَهُ بَعْدَما قَد كانَ في الرّومِ نصّرَا |
يَدَيْهِ بِمَصْلُوبٍ عَلى سَاعِدَيْهِما | فأصْبَحَ قَدْ صَلّى حَنِيفاً وَكَبّرَا |
فَتَحَتَ لهُمْ حتى فكَكْتَ قُيودَهمْ | قَناطِرَ مَنْ قَد كانَ قَبلَكَ قَنطَرَا |
وَلَيْسَتْ كمَا تَبني العُلوجُ وَحُوّلَتْ | عَنِ الجِسْرِ أبْدانُ السّفِينِ المُقَيَّرَا |
لُجَينِيّةً بيضاً، وَمَيّالَةَ العُرَى، | هِرَقْلِيّةً صَفَرَاءَ من ضَرْبِ قَيصرَا |
تَنَاوَلْتَ ما أعْيا ابنَ حَرْبٍ وقَبْلَهُ | وَأعْيَا أبَاكَ الحَازِمَ المُتَخَيَّرَا |
وَما كانَ قَدْ أعْيَا الوَليدَ وَبَعْدَهُ | سُلَيمانَ مِمّن كان في الرّومِ أعصَرَا |
وَأعيا أبا حَفْصٍ فكَسّرْتَ عَنهُمُ | على أسْوُقٍ أسرَى الحَديدَ المُسَمَّرَا |
فَلَوْلا الذي لا خَيرَ في النّاسِ بَعدَهُ | بِهِ قَتلَ الله الّذِي كانَ خَبّرَا |
بِهِ دَمّر الله المَزُونَ وَمَنْ سَعَى | إلَيْهِمْ كمَا كانَ الفَرَاعِينَ دَمّرَا |
وَأصْبَحَ أهْلُ الأرْضِ قَد جَمَعَتهمُ | يَدُ الله وَالأعمى المَرِيضَ فأبصَرَا |
إلى خَيرِ أهلِ الأرْضِ أُمّاً وَخَيرِهمْ | أباً وَأخاً إلاّ النّبيَّ، وعُنْصُرَا |
سَأثْني على خَيرِ البَرِيّةِ وَالّذِي | عَلى النّاسِ ناءَ الغَيثُ مِنهُ فأمْطَرَا |
أرى الله في كَفّيْكَ أرْسَلَ رَحْمَةً | على الناسِ ملءَ الأرْضِ ماءً مُفجَّرَا |
رَبِيبُ مُلُوكٍ في مَوَارِيثَ لمْ يَزَلْ | بهَا مَلِكٌ إنْ ماتَ أوْرَثَ مِنْبَرَا |
بَنَيْتَ الّذي أحْيا سُلَيْمانَ وَابْنَهُ | وَداوُدَ وَالجِنّ الذي كانَ سَخّرَا |
فأصْبَحَ جِسْراً خالِداً، ويَدُكّهُ | إذا دَكّ عَنْ يأجوجَ رَدْماً فَنَشَّرَا |
بِقُوّتِهِ الله الّذِي هُوَ بَاعِثٌ | عِبَاداً لَهُ مِنْ خَلْقِهِ حِينَ نَشّرَا |
عَصَائِبَ كانَتْ في القبورِ، فبُعِثرَتْ، | وَعَادَ تُرَاباً خَلْقُهُ، حِينَ قَدّرَا |