حَلَفْتُ برَبّ الجَارِياتِ إذا جَرَتْ، | وحَيثُ دَنتْ من مَرْوَةِ البَيتِ زَمزَمُ |
لمَا زادَني من خَشيَةٍ، إذْ حَبَسْتَني، | على الخَشيَةِ الأولى التي كنتَ تَعْلَمُ |
إذا ذَكَرَتْ نَفْسِي يَدَيكَ نَزَتْ بها | كَرَاسيعُ زَالَتْ، وَالقَطِيعُ المُحَرَّمُ |
أعُوذُ بِقَبْرٍ فِيهِ أكْفَانُ مُنْذِرٍ، | وَهُنّ لأيْدِي المُسْتَجِيرِينَ مَحَرَمُ |
ألَمْ تَرَني نادَيْتُ بالصّوْتِ مَالِكاً، | ليَسْمَعَ لمّا غَصّ بالرِّيقَةِ الفَمُ |
سَتَعْلَمُ أنّ الكَاذِبِينَ، إذا افترَوْا | عَليّ، إذا كُرَّ الحَديِثُ المُرَجَّمُ |
بَني مُنْذِرٍ لاَ جَارَ مِنْ قَبْرِ مُنذِرٍ | أعَزَّ بِجَارٍ، حِينَ يَدْعُو وَأسْلَمُ |
فهَلْ يُخْرِجَنّي مُنذِرٌ من مُخَيِّس، | وَعُذْرٌ بِهِ لي صَوْتُهُ يَتَكَلّمُ |
أعُوذُ بِبِشْرٍ وَالمُعَلّى كِلَيْهِمَا، | بَني مَالكٍ أوْفَى جِوَاراً وَأكْرَمُ |
من الحارِثِ المُنجي عياض بن دَيهَثٍ، | فَرَدّ أبُو لَيْلى لَهُ، وَهوَ أظْلَمُ |
وَمَا انَ جاراً غَيرَ دَلْوٍ تَعَلّقَتْ | بِعَقْدِ رِشَاءٍ، عَقْدُهُ لا يُجَذَّمُ |
فَرَدّ أخَا عَمْرِو بنِ سَعدٍ بذَوْدِهِ | جَميعاً، وَهُنّ المَغْنَمُ المُتَقَسَّمُ |
فَمَنْ يَكُ جَارَ ابنِ المُعَلّى فقد عَلا | على النّاسِ لا يَخشَى ولا يُتَهَضَّمُ |
وَأيُّ أبٍ بَعْدَ المُعَلّى وَمُنْذِرٍ | وَبِشْرٍ يُنَادَى للّتي هِيَ أفْقَمُ |
هُمُ النّفَرُ الكافونَ بَيْعَةَ ما جَنَتْ، | بهِمْ يُرْأبُ الصَّدْعُ المُفَرَّقُ وَالدّمُ |
وَكَيْفَ بمَنْ خَمْسُونَ قَيداً وَحلقةً | عَلَيْهِ مَعَ اللّيْلِ الّذِي هُوَ أدْهَمُ |
أبِيتُ أُقَاسِي اللّيْلَ والقَوْمُ مِنْهُمُ | مَعي سَاهِرٌ لي لا يَنامُ وَنُوَّمُ |
ولوْ أنّها صُمُّ الجِبَالِ تَحَمّلَتْ | كما حَمَلَتْ رِجلاي كَادَتْ تُحطَّمُ |
أمالِكُ! إنْ أخرُجْ بكَفّيْكَ صَالحاً | تكُنْ مثلَ ذي نُعمى لمن كان يُنْعِمُ |
فَلَوْ أنّ ضَيْفَ البَارِقَيْنِ وَلَعْلعٍ | مكانَكَ مِني نازِلاً حِينَ يَضْغَمُ |
كَأنّ شِهابَيْ قَابِسٍ تَحْتَ جَبِهةٍ | لَهُ من صِلابِ الرَّعنِ بل هوَ أجهَمُ |
لَكانَ فُؤادي مِنْه أيْسَرَ خَشْيَةً، | وَأوْثَقَ مِنّي لِلْمَنِيّةِ مُسْلَمُ |
إذا كَشَرَتْ أنْيَابُهُ عَنْ أسِنّةٍ | لَهُ بَينَ لَحْيَيْ مُلْجَمٍ لا يُثَلَّمُ |
لَهُ ابْنَانِ لا يَنْفَكُّ يَمْشِي إلَيْهِما | بِأوْصَالِ مَعْفُورٍ بِهِ يَتَقَرّمُ |
وَأوّلُ مَا ذاقَا، لَدُنْ فَطَمْتُهُمَا، | دَمٌ وَبَنَانٌ مِنْ صَرِيعٍ وَمِعْصَمُ |
نَقُولُ لأوْصَالِ الرّجَالِ إلَيْهِمَا، | وَمَا لَهُمَا إلاّ مِنَ القَوْمِ مَطْعَمُ |
وَلَمْ تَرَ مَخْضُوبَينِ أجْرَأَ مِنْهُمَا | أباً ويَدَيْ أُمٍّ لَهُ حِينَ تَفْطِمُ |
وَعَلّمَني مَشْيَ المُقَيَّدِ خَالِدٌ، | وَمَا كُنْتُ أدْنَى خَطْوِهِ أتَعَلّمُ |
أقُولُ لِرِجْلَيّ اللّتَينِ عَلَيْهِمَا | عُرىً وَحديدٌ يَحبِس الخَطوَ أبهَمُ: |
أمَا في بَني الجَارُودِ مِنْ رَائِحٍ لَنَا | كمَا رَاحَ دُفّاعُ الفُرَاتِ المُثَلَّمُ |
وَمَنْ يَطّلِبْ سَعْيَ المُعَلّى يجدْ لَهُ | صَعُوداً على كَفّيْهِ مَنْ يَتَجَثّمُ |
مَسَاعيَ كانَتْ للمُعَلّى نَمَى بهَا | إلى المَجدِ حتى أدرَكَ الشّمسَ سُلّمُ |
فَثِنْتَانِ مَجْدُ الجَاهِلِيّةِ فيهمُ، | وَهمْ قبلَ هذا النّاسِ لله أسْلَمُوا |
تُعَدُّ بُيُوتٌ في قَبائِل أهْلهَا، | وبَيْتَاكُمُ مِنْ كلّ بَيْتَينِ أعظَمُ |
عَسَى الله أنْ يَرْتَاحَ لي، فيَكُفَّني | بِرَحْمَةِ مَنْ هُو من أبي هُوَ أرْحَمُ |
أعُوذُ بِبِشْرٍ وَالمُعَلّى وَمُنْذِرٍ، | سِماكانِ كانا: ذو سِلاحٍ وَمُرْزِمُ |
وَثَالِثُهُنّ المُهْتَدَى بِبَيَاضِهِم | إلى الخَيرِ في لَيْلٍ وَسَارِيهِ مُظلِ |