يا أُخْتَ ناجِيَةَ بْنِ سَامَةَ إنّني | أخْشَى عَلَيْكِ بَنيّ إنْ طَلَبُوا دمي |
لَنْ يَقْبَلُوا دِيَةً، وَلَيْسُوا، أوْ يَرَوْا | مِني الوَفَاءَ، وَلَنْ يَرَوْهُ بِنُوّمِ |
فالمَوْتُ أرْوَحُ مِنْ حَياةٍ هَكَذا، | إنْ أنْتِ منْكِ بِنَائِلٍ لمْ تُنْعِمي |
هَلْ أنْتِ رَاجِعَةٌ وَأنْتِ صَحيحَةٌ | لِبَنيَّ شِلْوَ أبِيهِمِ المُتَقَسَّمِ |
وَلَقَدْ ضَنِيتُ مِنَ النّساءِ وَلا أرَى | كَضَنىً بِنَفْسِي مِنْكِ أُمَّ الهَيْثَمِ |
كَيْفَ السّلامَةُ بَعْدَما تَيّمْتِني، | وَتَرَكْتِ قَلبي مثلَ قَلْبِ الأيْهَمِ |
قَطّعْتِ نَفْسي مَا تَجيءُ سَرِيحَة، | وَتَرَكْتِني دَنِفاً، عُرَاقَ الأعظُمِ |
وَلَقَدْ رَمِيْتِ إليّ رَمْيَةَ قَاتِلٍ | مِنْ مُقْلَتَيْكِ وَعارِضَيكِ بأسهُمِ |
فأصَبْتِ مِنْ كَبِدي حُشاَشَةَ عاشِقٍ، | وَقَتَلْتِني بِسِلاحِ مَنْ لمْ يُكلَمِ |
فإذا حَلَفْتِ هُناكَ أنّكِ من دَمي | لَبِرِيئَةٌ فَتَحَلّلي، لا تَأثَمي |
وَلَئِنْ حَلَفْتُ على يَدَيكِ لأحلفَنْ | بَيَمِينِ أصْدَقِ، من يمينِكِ، مُقْسِمِ |
بِالله رَبِّ الرّافِعِينَ أكُفَّهُمْ، | بَينَ الحَطِيمِ وَبَينَ حَوْضَي زَمْزَمِ |
فلأنْتِ مِنْ خَلَلِ الحِجالِ قَتَلْتِني | إذْ نَحْنُ بالحَدَقِ الذّوَارِفِ نَرْتمي |
إذْ أنْتِ مُقْبِلَةٌ بِعَيْنَيْ جُؤذَرٍ، | وَبجِيدِ أُمِّ أغَنَّ لَيْسَ بِتَوْأمِ |
وَبِوَاضِحٍ رَتَلٍ تَشِفُّ غُرُوبُهُ، | عَذْبٍ، وَأذْلَفَ طَيّبِ المُتَشَمَّمِ |
وَكأنّ فَأرَةَ تَاجِرٍ هِنْدِيّةً | سَبَقَتْ إليَّ حَديثَ فيكِ من الفَمِ |
مَا فَرّثَتْ كَبِدي مِنِ امْرَأةٍ لَها | عَيْنانِ منْ عَرَبٍ وَلا منْ أعْجَمِ |
مِثْلُ التي عَرَضَتْ لنَفْسي حَتْفَهَا | مِنْها بِنَظْرَةِ حُرّتَينِ ومِعْصَمِ |
نَاجِيَةٌ، كَرَمٌ أبُوهَا، تَبْتَني | مِنْ غالِبٍ قُبَبَ البِنَاءِ الأعْظَمِ |
فَلَئِنْ هيَ احتَسَبَتْ عليّ لقدْ رَأتْ | عَيْنايَ صَرْعَةَ مَيّتٍ لمْ يَسْقمِ |
هَلْ أنْتِ بايِعَتي دَمي بِغَلائِهِ، | إنْ أنْتِ زَفْرَةَ عاشِقٍ لمْ تَرْحَمي |
ما كُنْتُ غَيرَ رَهِينَةٍ مَحْبُوسَةٍ | بِدَمٍ لأُخْتِ بَني كِنَانَةَ مُسْلِمِ |
يا وَيْحَ أُخْتِ بَني كِنَانَةَ إنّها | لَبَخِيلَةٌ بِشِفَاءِ مَنْ لَمْ يُجْرِمِ |
فَلَئِنْ سَفَكْتِ دَماً بِغَيرِ جَرِيرَةٍ | لَتُخَلَّدِنّ مَعَ العَذابِ الآلَمِ |
وَلئِنْ حَملتِ دَمي عَليكِ لتَحمِلِنْ | ثِقلاً يكُونُ عَلَيْكِ مثلَ يَلَمْلَمِ |
وَالنّفْسُ إنْ وَجَبَتْ عَلَيكِ وَجدتِها | عِبئاً يكُونُ عَلَيكِ أثقَلَ مَغْرَمِ |
لَوْ كنتِ في كَبِدِ السّماءِ لحَاولَتْ | كَفّايَ مُطَّلَعاً إلَيْكِ بِسُلّمِ |
ولأكْتُمَنّ لكِ الّذي اسْتَوْدَعْتِي، | والسّرُّ مُنْتَشِرٌ، إذا لَمْ يُكْتَمِ |
هَلْ تَذْكُرِينَ إذِ الرِّكَابُ مُناخَةٌ | بِرِحَالِهَا لِرَوَاحِ أهْلِ المَوْسِمِ |
إذْ نَحْنُ نَستَرِقُ الحَديثَ وَفَوْقَنا | مثلُ الضَّبابِ من العَجاجِ الأقتَمِ |
إذْ نَحْنُ نُخْبِرُ بالحَوَاجِبِ بَيْنَنَا | ما في النّفُوسِ، وَنَحْنُ لمْ نَتَكَلّمِ |
وَلَقَدْ رَأيْتُكِ في المَنَامِ ضَجيعَتي، | وَلَثَمْتُ مِنْ شَفَتَيكِ أطيَبَ مَلثمِ |
وَغَدٌ وَبَعْدَ غَدٍ كِلا يَوْمَيْهِمَا | يُبْدي لَكِ الخَبَرَ الّذي لمْ تَعْلَمي |
وَالخَيْلُ تَعْلَمُ أنّنَا فُرْسَانُهَا، | وَالعَاطِفُونَ بِهَا ورَاءَ المُسْلَمِ |
أسْلابُ يَوْمِ قُرَاقِرٍ كَانَتْ لَنَا | تُهدى وَكلُّ تُرَاثِ أبيضَ خِضرِمِ |
تَطأُ الكُماةَ بِنا، وَهُنّ عَوَابِسٌ، | وَطْءَ الحِصَادِ وَهُنّ لَسْنَ بصُيَّمِ |
نَعْصِي، إذا كَسَرَ الطّعَانُ رِمَاحَنا، | في المُعَلَمِينَ بكلّ أبْيَضَ مِخْذَمِ |
وَإذا الحَديِدُ عَلى الحَديِدِ لَبِسْنَهُ | أخْرَجْنَ نَائِمَةَ الفِرَاخِ الجُثّمِ |