دعاكَ الهوَى ، واستَجهَلَتكَ المنازِلُ، | وكيفَ تَصابي المرء، والشّيبُ شاملُ؟ |
وقفتُ بربعِ الدارِ ، قد غيرَ البلى | مَعارِفَها، والسّارِياتُ الهواطِلُ |
أسائلُ عن سُعدى ، وقد مرّ بعدَنا، | على عَرَصاتِ الدّارِ، سبعٌ كوامِلُ |
فسَلّيتُ ما عندي برَوحة ِ عِرْمِسٍ، | تخبّ برحلي ، تارة ً ، وتناقلُ |
موثقة ِ الأنساءِ ، مضبورة ِ القرا ، | نعوبٍ ، إذا كلّ العتاقُ المراسلُ |
كأني شَددَتُ الرّحلَ حينَ تشذّرَتْ، | على قارحٍ ، مما تضمنَ عاقلُ |
أقَبَّ، كعَقدِ الأندَريّ، مُسَحَّجٍ، | حُزابِية ٍ، قد كَدمَتْهُ الَمساحِلُ |
أضرّ بجرداءِ النسالة ِ ، سمحج ، | يقبلها ، إذْ أعوزتهُ الحلائلُ |
إذا جاهدتهُ الشدّ جدّ ، وإنْ ونتْ | تَساقَطَ لا وانٍ، ولا مُتَخاذِلُ |
و إنْ هبطا سهلاً أثارا عجابة ً ؛ | وإنّ عَلَوَا حَزْناً تَشَظّتْ جَنادِلُ |
ورَبِّ بني البَرْشاءِ: ذُهْلٍ وقَيسِها | و شيبانَ ، حيثُ استبهلتها المنازلُ |
لقد عالني ما سرها ، وتقطعتْ ، | لروعاتها ، مني القوى والوسائلُ |
فلا يَهنىء الأعداءَ مصرَعُ مَلْكِهِمْ، | و ما عشقتْ منهُ تميمٌ ووائلُ |
و كانتْ لهمْ ربعية ٌ يحذرونها ، | إذا خضخضتْ ماءَ السماءِ القبائلُ |
يسيرُ بها النعمانُ تغلي قدورهُ ، | تجيشُ بأسبابِ المنايا المراجلُ |
يَحُثّ الحُداة َ، جالِزاً برِدائِهِ، | يَقي حاجِبَيْهِ ما تُثيرُ القنابلُ |
يقولُ رجالٌ، يُنكِرونَ خليقَتي: | لعلّ زياداً ، لا أبا لكَ ، غافلُ |
أبَى غَفْلتي أني، إذا ما ذكَرْتُهُ، | تَحَرّكَ داءٌ، في فؤاديَ، داخِلُ |
و أنّ تلادي ، إنْ ذكرتُ ، وشكتي | ومُهري، وما ضَمّتْ لديّ الأنامِلُ |
حباؤكَ ، وو العيسُ العتاقُ كأنها | هجانُ المها ، تحدى عليها الرحائلُ |
فإنْ تَكُ قد ودّعتَ، غيرَ مُذَمَّمٍ، | أواسيَ ملكٌ تبتتها الأوائلُ |
فلا تبعدنْ ، إنّ المنية َ موعدٌ ؛ | و كلُّ امرئٍ ، يوماً ، به الحالُ زائلُ |
فما كانَ بينَ الخيرِ لو جاء سالماً ، | أبو حجرٍ ، إلاّ ليالٍ قلائلُ |
فإنْ تَحيَ لا أمْلَلْ حياتي، وإن تمتْ، | فما في حياتي، بعد موتِكَ، طائِلُ |
فآبَ مصلوهُ بعينٍ جلية ٍ ، | وغُودِرَ الجَولانِ، حزْمٌ ونائِلُ |
سقى الغيثُ قبراً بينَ بصرى وجاسمٍ ، | بغيثٍ ، من الوسمي ، قطرٌ ووابلْ |
و لا زالَ ريحانٌ ومسكٌ وعنبرٌ | على مُنتَهاهُ، دِيمَة ٌ ثمّ هاطِلُ |
و ينبتُ حوذاناً وعوفاً منوراً ، | سأُتبِعُهُ مِنْ خَيرِ ما قالَ قائِلُ |
بكى حارِثُ الجَولانِ من فَقْدِ ربّه، | و حورانُ منه موحشٌ متضائلُ |
قُعُودا له غَسّانُ يَرجونَ أوْبَهُ، | وتُرْكٌ، ورهطُ الأعجَمينَ وكابُلُ |